الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: المنتظم في تاريخ الملوك والأمم **
أخبرنا محمد بن عبد الباقي قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن المهتدي قال: أخبرنا أبو الفرج الحسن بن أحمد العماني قال: حدًثنا أبو بكر محمد بن أحمد الشمشاطي قال: حدَّثنا جعفر بن محمد الفريابي قال: أخبرنا إبراهيم بن هشام بن يحيى الغسانىِ قال: حدَّثنا أبي عن جدي عن أبي أدريس الخولانىِ عن أبي ذر قال: قلت يا رسول الله كم الأنبياء قال: مائة ألف وأربعة وعشرون ألفًا قلت: يا رسول الله كم الرسل من ذلك قال: ثلاثمائة وثلاثة عشر جمًا غفيرًا " قلت: مَن كان أولهم قال: آدم قلت: يا رسول الله أنبي مرسل قال: نعم خلقه الله تعالى بيده ونفخ فيه من روحه وسواه قُبُلًا يا أبا ذر: أربعة سُريانيون: آدم وشيث و أخنوخ وهو إدريس وهو أول مَنْ خط بالقلم ونوح وأربعة من العرب: هود و شعيب و صالح ونبيك يا أبا ذر وأول أنبياء بني إسرائيل: موسى و آخرها عيسى عليه السلام وأول المرسلين: آدم وآخرها محمد صلي الله علية وسلم قلت: يا رسول الله كم كتاب أنزل الله عز وجل قال: مائة كتاب وأربعة كتب أنزل الله عز وجل على شيث خمسين صحيفة وعلى اخنوخ ثلاثين صحيفة وعلى إبراهيم عشر صحائف وأنزل على موسى قبل أن ينزل التوراة عشر صحائف وانزل التوراه والإنجيل والزبور والفرقان قلت: يا رسول الله ما كانت صحف إبراهيم قال: كانت أمثالًا كلها كان فيها: أيها الملك المسلط المبتلى المغرور إني لم أبعثك تجمع الدنيا بعضها إلى بعض ولكن بعثتك لترد عني دعوة المظلوم فإني لا أردها ولو كانت من كافر وكان فيها أمثال وعلى العاقل أن تكون له ساعات: ساعة يناجي فيها ربه وساعة يحاسب فيها نفسه وساعة يفكر فيِ صنع الله عز وجل إليه وساعة يخلو فيها بحاجته من المطعم والمشرب وعلى العاقل أن لا يكون طائعًا إلا لثلاث: تزود لمعاد أو مرمة لمعاش أو لذة في غير محرم وعلى العاقل أن يكون بصيرًا بزمانه معيلًا على شأنه حافظًا لسانه ومَنْ يحسب كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما يعنيه. قلت: يا رسول الله ما كانت صحف موسى قال: كانت عبرًا كلها عجبت لمن أيقن بالقدر ثم هو يلهو وعجبت لمَن رأى الدنيا وتقلبها بأهلها ثم اطمأن إليها وعجبت لمن أيقن بالحساب غدًا كيف لا يعمل. أخبرنا محمد بن عبد الباقي قال: أخبرنا أبو محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو محمد بن حيويه قال: أخبرنا أحمد بن معروف قّال: حدَثنا الحارث بن أبي أسامة قال: أخبرنا محمد بن سعد قال: أخبرنا عمرو بن الهيثم وهاشم بن الهيثم قالا: أخبرنا المسعودي عن أبي عمرو الشامي عن عبد الله بن الخشخاش عن أبي ذر قال: قلت للنبي صلي الله عليه وسلم: أيٌ الأنْبياء أول قال: آدم عليه السلام قلت: أونبيًا كان قال: " نعم نبي مُكلَم قال: قلتَ: فكم المرسلين قال: ثلثمائة وخمسة عشر جمأ غفيرًا ". أخبرنا أبو الهاشم هبة الله بن محمد بن الحصين قال: أخبرنا أبو طالب محمد بن محمد بن غيلان قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي قال: أخبرنا إسحاق بن الحسين قال: حدثنا عبد الله بن رجاء قال: أخبرنا سعيد بن سلمة بن أبي الحسام قال: حدثنا محمد بن المنكدر عن يزيد بن إبان عن أنس بن مالك أنه سمعه يقول: قال رسول الله صلي الله علية وسلم " بعث الله تعالى ثمانية آلاف نبي منهم أربعة آلاف من بني إسرائيل ". أخبرنا محمد بن عبد الباقي قال: أخبرنا أبو محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو عمرو بن حيويه قال: أخبرنا أحمد بن معروف قال: أخبرنا الحارث بن أبي أسامة قال: أخبرنا محمد بن سعد قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن الوليد قال: أخبرنا مسلم بن خالد الزنجي قال حدثني زياد بن سعد عن محمد بن المنكدر عن صفوان بن سلم عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله علية وسلم: " بعث الله عَلى إثر ثَمانِيَة آلافٍ من الأنبياء مِنهمْ أربعة آلاف نبي مِنْ بَني إسرائيل ". وروى أبو سعيد الخدري عن النبي صلي الله علية وسلم أنه قال: بين يدي الرحمن تبارك وتعالى لوحًا فيه ثلثمائة وخمس عشرة شريعة يقول الرحمن عز وجل: وعزتي وجلالي لا يأتيني عبد من عبادي لا يشرك بي شيئًا فيه واحد منكن إلا أدخلته الجنة. قال أبو الحسين بن المنادي: هذه الشرائع عائدة إلى المرسلين. وروى عكرمة عن ابن عباس قال: لم يكن من الفرس نبي. وقال وهب بن منبه: أنزلت صحف إبراهيم في أول ليلة من رمضان والتوراة لست ليال خلون من رمضان والزبور لاثنتي عشرة ليلة خلت من رمضان والإنجيل لثماني عشرة ليلة خلت من رمضان والقرآن لأربع وعشرين ليلة خلت من رمضان. أخبرنا الكروخي قال: أخبرنا أبو عامر الأزدي وأبو بكر العورجي قالا: أخبرنا ابن الجراح قال: أخبرنا ابن محبوب قال: حدَثنا الترمذي قال: أخبرنا عبيد بن حميد قال: أخبرنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر قال: أخبرنا بهز بن حكيم عن معاوية عن أبيه عن جده عن النبي صلي الله علية وسلم قال: " إنكم توفون سبعين أمة أنتم خيرها وأكرمها على الله تعالى ". روى أبو صالح عن ابن عباس قال: كان بين آدم إلى نوح عليهما السلام ألفا سنة ومائتا سنة وبين نوح إلى إبراهيم عليهما السلام ألف ومائة وثلاث وأربعون سنة ومن إبراهيم إلى موسى خمسمائة وخمس وسبعون سنة ومن موسى إلى داوود خمسمائة وتسع وسبعون سنة ومن داوود إلى عيسى ألف وثلاث وخمسون سنة ومن عيسى إلى محمد صلى الله عليه وسلم ستمائة سنة. وقال ابن إسحاق: بين آدم إلى نوح ألف ومائتا سنة ومن نوح إلى إبراهيم عليهما السلام ألف ومائة واثنتان وأربعون سنة ومن إبراهيم إلى موسى خمسمائة وخمس وستون سنة وبين موسى وداود خمسمائة وتسع وستون سنة ومن داوود إلى عيسى ألف وثلثمائة وست وخمسون سنة ومن عيسى إلى محمد ستمائة سنة. وقال ابن أبي خثيمة: منذ خلق الله آدم إلى أن بعث محمدًا صلى الله عليه وسلم خمسة آلاف سنة وثمانمائة سنة. قال ابن عباس رضي الله عنه: كان آدم عليه السلام حرًاثًا وكان نوح نجارًا وكان إدريس خيَّاطًا وكان صالح تاجرًا وكان إبراهيم زرَاعًا وكان شعيب راعيًا وكان موسى راعيًا وكان داوود زرّادًا وكان سليمان ملكًا وكان عيسى لا يخبأ شيئًا لغده وكان نبينا صلي الله علية وسلم يرعى غنمًا لأهل بيته بأجياد وكانت حواء تغزل الشعر فتحوكه بيدها فتكسو نفسها وولدها. ذكر مَنْ ولد مختونًا قال مؤلف الكتاب: أما آدم فإنه خلق مختونأ وولد شيث وإدريس ونوح وسام وهود وصالح ونبي أصحاب الرس ولوط ويوسف وموسى وشعيب وسليمان و زكريا وعيسى ونبينا مختونين مسرورين وابتلي بالختان إبراهيم الخليل على ما سبق. ذكر أقوام من القدماء منهم: خالد بن سنان العبسي قال مؤلف الكتاب: ويروى أنه من الأنياء. أنبأنا يحيى بن ثابت بن بندار قال: أخبرنا الحسن بن أبي الحسن بن دوما قال: أخبرنا محمد بن جعفر الباقرحي قال: أخبرنا الحسن بن علي القطان قال: أخبرنا إسماعيل بن عيسى العطار قال: أخبرنا إسحاق بن بشر القرشي قال: أخبرنا ابن جريج عن مجاهد عن ابن عباس قال: ظهرت نار بالبادية بين مكة والمدينة وكانت طوائف من العرب يعبدونها فقام رجل من عبس يقال له: خالد بن سنان العبسي فأطفأها ورفع وقال لأخوته: إني ميت فإذا مِت فادفنوني في موضعي هذا فإذا حال الحول فارصدوا قبري وإذا رأيتم عيرًا أبتر مقطوع الذنب عند قبري فاقتلوه وانبشوا قبري فإني أحدثكم بكل شيء هو كائن. فمات فدفنوه ثم رصدوا قبره عند الحول فجاء العير فقتلوه وأرادوا أن ينبشوه فقال اخوته إن نبشناه كانت سُبة علينا في العرب فتركوه. فلما بُعث النبي صلي الله علية وسلم قدمت عليه بنت خالد بن سنان بعدما هاجر فقالت: أنا بنت خالد بن سنان فقال رسول الله صلي الله علية وسلم: " العبسي " قالت: نعم فرحَب بها ثم قال لأصحابه إن أباها كان نبيًا هلك بين مكة والمدينة ضيعه قومه وقص النبي صلي الله علية وسلم قصته وقال لو نبشوه أخبرهم بشأني وشأن هذه الأمة وما يكون منها ". وبالإسناد عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس: انه سُئل عن خالد بن سنان العبسي أنبيًا كان قال: لا إنما كان ألهم أمرًا لو نبشوه لبشر بالنبي صلي الله علية وسلم وإنما ألهم الإيمان والهُدى أن غَضب لله وأطفأ تلك النار لئلا تُعبَدُ. وروى عكرمة عن ابن عباس قال: قال خالد بن سنان لقومه: إني ميِّت فإذا دفنتموني فمر علي ثلاث فإنه ستجيء عير أبتر فيقوم على قبري فينهق ثلاث نهقات فخذوه واذبحوه وابقروا بطنه واضربوا به قبري فإني أخرج إليكم فأحدثكم لما ينفعكم في آخرتكم ودنياكم. فجاء الحمار فنهق فقالوا: انبشوه فقال رهطه: والله لا تنبشوه فيكون علينا سُبّة قال: وقد كان ذكر لهم أن في عكن امرأته لوحيِن إذا أشكل عليهم أمر فنظروا فيها فإنهم سيرون ما تسألون عنه وقال: لا تمسهما حائض. فجاءوا فسألوا امرأته عنهما فأخرجتهما وهي حائض فذهب ما كان فيهما فذكروا أمره لرسول الله عليه الصلاة والسلام فقال: " نبي ضَيعة قومه ". وروى عبد الرزاق عن سالم الأفطس عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: جاءت ابنة خالد بن سنان العبسي إلى رسول الله صلي الله علية وسلم فقال: " مرحبا بابنة أخي مرحبًا بابنة أخي نبيِ ضيعه قومه ". وفي رواية مجاهد عن ابن عباس قال: خالد في زمن الفترة. منهم: جرجيس: هو رجل صالح أدرك بقايا من حواريي عيسى عليه السلام. روى محمد بن إسحاق عن وهب وغيره: أنه كان بالموصل ملك جبار وكان جرجيس رجلًا صالحًا من أهل فلسطين فكتم إيمانه في عصبة معه يكتمون الإيمان قد أدركوا بقايا من الحواريين وكان جرجيس كثير المال عظيم الصدقة فدخل على ملك الموصل وقد نصب صنمًا وأوقد نارًا وعرض الناس فمَنْ لم يسجد للصنم ألقاه في النار فقال له جرجيس: اعلم أنك عبد مملوك ولا تملك لنفسك شيئًا ولا لغيرك وأن فوقك ربًا هو الذي يملكك وغيرك وإنك عمدت إلى خلق من خلقه لا يبصر ولا يسمع فجعلته فتنة للناس فأمر الملك يخشبة فنصبت وجُعل عليها أمشاط الحديد وجُر عليها حتى تقطع لحمه ونضح بالخل والخردل فلم يمت فضُرب في رأسه بمسامير من حديد فلم يمت فألقاه في لوح من نحاس قد أوقدوا عليه فلم يمت فقالوا له: ألم تجد ألم هذا العذاب قال: إن ربي حمل عني عذابك وصَبرَنِي ليحتج عليك فخَفْهُ على نفسك وملكك. فسجنه وضرب في يديه أوتادًا من حديد وترك عليه صخرة فأرسل إليه ملكًا فخلصه من ذلكُ وقال له: الحق بعدوك وجاهده في الله حق جهاده فإن اللّه يقول لك اصبر وأبشر فإني قد ابتليتك بعدوك هذا سبع سنين يعذبك ويقتلك فيهن أربع مرات وأرد إليك رُوحك فإذا كانت الرابعة نقلت روحك و أوفيتك أجرك. فلم يشعروا إلا به على رؤوسهم فقال له الملك: مَنْ أخرجك. قال: أخرجني الذيِ سلطانه فوق سلطانكم. فمدوه بين خشبتين وقطعوه نصفين ثم قطعوه قطعًا ورموا به إلى أسد ضارية فلما أدركه الليل جمعه الله عز وجل وردً إليه رُوحه وأرسل الله إليه ملكًا فأطعمه وسقاه وأخرجه وقال: الحق بعدوك فجاهده فإذا به على رؤوسهم فقالوا: هذا ساحر ثم سألوه آيات فأظهرها ثم قتلوه منهم: شمشون: قال مؤلف الكتاب: كان في الفترة وكان رجلًا صالحًا من قرية من قرى الروم وكان قومه يعبدون الأوثان. قال وهب بن منبه: كان يغزوهم و يجاهدهم فيقتل ويسبي ويصيب المال ولا يقاتلهم إلا بلحي جمل وكان قد أعطي قوة في البطش فلا يوثقه حديد ولا غيره فلم يقدروا عليه فدخلوا على امرأته فجعلوا لها جعلًا فقالت: أنا أوثقه لكم فأعطوها حبلًا وثيقًا وقالوا: إذا نام فأوثقي يده إلى عنقه حتى نأتي فنأخذه ففعلت فلما هبّ جذبه بيده فوقع من عنقه فقال لها: لم فعلت هذا قالت: أجرب به قوتك فأرسلت ليهم تخبرهم فأرسلوا إليه جامعة من حديد فلما نام جعلتها في عنقه فلمَّا هَبَ جذبها فوقعت وقال: لم فعلت قالت: أجرب قوتك ما رأيت مثلك في الدنيا يا شمشون أما في الأرض شيء يغلبك قال: لا إلا شيء واحد قالت: وما هو. قال: ما أنا بمخبرك به فلم تزل به تسأله حتى قال: ويحك إن أمي جعلتني نذرًا فلا يغلبني شيء ولا يضبطني إلا شعري قالت: فلمَا نام أوثقت يده إلى عنقه بشعر رأسه فأوثقه ذلك وبعثت إلى القوم فأخذوه فجدعوا أنفه وأذنيه وفقأوا عينه وأوثقوه للناس بين ظهراني المدينة ودعا الله أن يسلطه عليهم فأمر أن يأخذ بعمودين من عمد المدينة كانت المدينة ذات أساطين فأخذ بالعمودين اللذين عليهما الملك والناس الذين ينظرون إليه فجذبهما وردّ الله عز وجل إليه بصَرَهُ وما أصابوا من جسده ووقعت المدينة بالناس والملك فهلكوا. منهم: أصحاب الكهف: قال ابن عباس رضي الله عنه: إنهم قوم هربوا من ملكهم حين دعاهم إلى عبادة الأصنام فَمّروا براعٍ له كلب يتبعهم على دينهم فآووا إلى كهف يتعبدون وكان منهم رجل يبتاع لهم أرزاقهم من المدينة إلى أن جاءهم يومآ فأخبرهم أنهم قد ذكرهم الملك فعوذوا بالله من الفتنة فضَرب الله على آذانهم وأمر الملك فسَد عليهم الكهف وهو يظنهم أيقاظآ وقد توفى الله أرواحهم وفاة النوم وكلبهم قد غشيه ما غشيهم ثم أن رجلين مؤمنين يكتمان إيمانهما كتبا أسماءهم وأنسابهم وخبرهم في لوح من رصاص وجعلاه في تابوت من نحاس وجعلاه في البنيان وقالا: لعل الله عز وجل يطلع عليهم قومًا مؤمنين فيعلمون خبرهم. وقال ابن إسحاق: وألقى الله عز وجل في نفس رجل من أهل البلد أن يهدم ذلك البنيان فيبني به حظيرة لغنمه فاستأجر عاملين ينزعان تلك الحجارة فنزعاها وفتحا باب الكهف فجلسوا فرحينِ فسلم بعضهم على بعض لا يرون في وجوههم ولا أجسادهم شيئًا يكرهونه إنما هُم كهيئتهم حين رقدوا وهم يرون أن ملكهم في طلبهم فضلوا وقالوا لتمليخا صاحب نفقتهم: انطلق فاسمع ما يذكرونه وابتع لنا طعامًا فوضع ثيابه وأخذ الثياب التي يتنكر فيها وخرج فمر مستخفيآ متخوفًا أن يراه أحد فلما رأى باب المدينة رأى عليه علامة تكون لأهل الإيمان فعجب وخُيل إليه أنها ليستَ المدينة التي يعرف ورأى ناسًا لا يعرفهم فتعجب وجعل يقول: لعلي نائم " فلما دخلها رأى قومًا يحلفون باسم عيسى فقام مسندًا ظهره إلى جدار وقال في نفسه: والله ما أدري لما هذا إلا غشية أمس لم يكن على وجه الأرض مَنْ يذكر عيسى إلا قتل واليوم أسمعهم يذكرونه لعل هذه ليست بالمدينة التي أعرف و الله ما أعرف مدينة قرب مدينتنا شيئًا فقام كالحيوان وأخرج ورقًا فأعطاه رجلًا وقال: بعني طعامًا. فنظر الرجل إلى نقشه فعجب ثم ألقاه إلى آخر فجعلوا يتطارحونه بينهم ويتعجبون و يتناقدون وقالوا: إن هذا قد أصاب كنزأ ففرق منهم وظنهم قد عرفوه فقال: أمسكوا طعامكم فلا حاجة لي إليه فقالوا له: مَنْ أنت يا فتى والله لقد وجدت كنزًا وأنت تريد أن تخفيه فشاركنا فيه وإلا أتينا بك إلى السلطان فيقتلك. فلم يدر ما يقول " فطرحوا كساءه في عنقه وهو يبكي ويقول: فرق بيني وبين أخوتي يا ليتهم يعلمون ما أصبت فأتوا به إلى رجلين كانا يدبران أمر المدينة فقالا: أين الكز الذي وجدت. فقال: ما وجدت كنزًا ولكن ما هذه ورق آبائي ونقش هذه المدينة وضربها ولكن والله ما أدري ما شأني ولا ما أقول لكم. قال مجاهد: وكان ورق أصحاب الكهف مثل أخفاف الإبل فقالوا: منْ أنت وما اسم أبيك فأخبرهم فلم يجدوا مَنْ يعرفه فقال له أحدهما: أتظن أنك تسخر منَا وخزائن هذه المدينة بأيدينا وليس عندنا من هذا الضرب درهم ولا دينار إني سآمر بك فتعَذب عذابًا شديِدأ ثم أوثقك حتى تعَرِّف هذا الكنز فقال تمليخا: أنبئوني عن شيء أسألكم عنه فإن فعلتم صدقتم. قالوا: سل قال: ما فعل الملك دقيانوس قالوا: لا نعرف اليوم على وجه الأرض ملكًا يًسمَى دقيانوس وإنما هذا ملك منذ زمان طويل وهلكت بعده قرون كثرِة فقال: والله ما يصدقني أحد بما أقوله لقد كنا فتَية وأكرهنا الملك على عبادة الأوثان والذبح للطواغيت فهربنا منه عشية أمس فنمنا فلما انتبهنا خرجت أشتري لأصحابي طعامًا فإذا أنا كما ترون فانطلقوا معي إلى الكهف أريكم أصحابي فانطلقوا معه وسار أهل المدينة فكان أصحابه قد ظنوا لإبطائه عليهم أنه قد أخذ فبينما هم يتخوفون ذلك إذ سمعوا الأصوات وجلبة الخيل فظنوا أنهم رسل دقيانوس فقاموا إلى الصلاة وسلم بعضهم على بعض فسبق تمليخا إليهم وهو يبكي فبكوا معه وسألوه عن شأنه فأخبرهم وقص عليهم النبأ كله فعرفوا أنهم كانوا نيامًا بأمر الله عز وجل وإنما أوقظوا ليكونوا آية للناس وتَصديقًا للبعث ونظر الناس إلى المسطور الذي فيه أسماؤهم وقصتهم فأرسلوا إلى ملكهم فجاء واعتنق القوم وبكى فقالوا له: نستودعك الله ونقرأ عليك السلام حفظك الله وحفظ ملكك فبينا الملك قائم رجعوا إلى مضاجعهم وتوفى الله سبحانه أنفسهم فأمر الملك أن يجعل لكل واحد منهم تابوت من ذهب فلما أمسى رآهم في المنام فقالوا: إنا لم نُخلق من ذهب وفضة ولكنا خُلقنا من تراب فاتركنا كما كُنا في الكهف على التراب حتى يبعثنا اللّه منه وحجبهم اللّه عز وجلّ حين خرجوا من عندهم بالرعب فلم يقدر أحد أن يدخل عليهم وأمر الملك فجعل على باب الكهف مسجدأ يصلى فيه وجعل لهم عيدًا عظيمًا يؤتى كل سنة. ومنهم: أصحاب الأخدود: قال مؤلف الكتاب: وهم قوم خُدَت لهم أخاديد وأوقدت فيها النيران وألقوا فيها. واختلف العلماء في سبب ذلك فقال قوم: أريدوا على الكفر فلم يفعلوا. وقال قوم: إن ملكهم وقع على أخته وأخبر الناس بإباحة ذلك فلم يقبلوا. أخبرنا هبة اللّه بن محمد قال: أخبرنا الحسين بن علي التميمي قال: أخبرنا أحمد بن جعفر قال: حدثنا عبد الله بن أحمد قال: حدثني أبي قال: أخبرنا عثمان قال: أخبرنا حماد بن سلمة قال: أخبرنا ثابت عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن صهيب أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال: " كان فيمن كان قبلكم ملك وكان له ساحر فلما كبر الساحر قال للملك: إني قد كبر سني وحضر أجلي فادفع إلي غلامًا لأعلَمه السحر فدفع إليه غلامًا وكان يعلمه السحر وكان بين الساحر وبين الملك راهب فأتى الغلام على الراهب فسمع من كلامه فأعجبه نحوه وكلامه وكان إذا أتى الساحر ضربه وقال: ما حبسك. فإذا أتى أهله ضربوه وقالوا: ما حبسك فشكا ذلك إلى الراهب فقال له: إذا أراد الساحر أن يضربك فقل حبسني أهلي وإذا أراد أهلك أن يضربوك فقل حبسني الناس فلا يستطيعون أن يجوزوا فقال اليوم أعلم أمر الراهب أحب إلى الله سبحانه أم الساحر فأخذ حجرًا فقال: اللهم إن كأن أمر الراهب أحب إليك وأرضى لك من أمر الساحر فاقتل هذه الدابة حتى يجوز الناس ورمى بها فقتلها ومضى الناس فأخبر الراهب بذلك فقال: أي بني أنت أفضل مني وإنك ستبتلى فإن ابتليت فلا تدل عليّ فكان الغلام يبرىء الأكمه وسائر الأدواء ويشفْيهم وكان للملك جليس فعمي فسمع به فأتاه وأتى بهدايا كثيرة فقال: اشفني ولك ما ها هنا أجمع قال: ما أنا أشفي أحدًا إنما يشفي الله عز وجل فإن آمنت به دعوت الله فشفاك فأمن فدعا الله له عز وجل فشفاه ثم أتى الملك فجلس منه نحو ما كان يجلس فقال له الملك: يا فلان مَنْ رد عليك بصرك قال: ربي قال: أنا قال: لا ولكن ربي وربك الله قال: أو لك رب غيري قال: نعم قال: فلم يزل يعذبه حتى دلّ على الغلام فبعث إليه فقال: أي شيء بلغ من سحرك أن تبرىء الأكمه والأبرص وهذه الأدواء قال: ما أنا أشفي أحدًا ما يشفي إلا الله قال: أنا. قال: لا قال: أو لك ربُّ غيري. قال: نعم ربي وربك الله فأخذه أيضآ بالعذاب فلم يزل به حتى دل على الراهب فأتى الراهب فقال: ارجع عن دينك. فأبى فوضع المنشار في مفرق رأسه حتى وقع شقاه وقال للاعمى: ارجع عن دينك فأبى فوضع المنشار في مفرق رأسه حتى وقع شقاه في الأرض فقال للغلام: ارجع عن دينك فأبى فبعث به مع نفر إلى جبل كذا وكذا وقال لهم: إذا بلغتم فروته فإن رجع عن دينه وإلا فدهدهوه من فوقه فذهبوا به فلما علوا به الجبل قال: اكفنيهم اللهم بما شئت فرجف بهم الجبل فدهدهوا أجمعون وجاء الغلام يتلمس حتى دخل على الملك فقال: ما فعل أصحابك. قال: كفانيهم الله عز وجل فبعث به مع نفر في قرقور وقال: إذا بلغتم أو قال: إذا لججتم به في البحر فإن رجع عن دينه وإلا فأغرقوه. فلججوا به البحر فقال الغلام: اللهم أكفنيهم بما شئت. فغرقوا أجمعون وجاء الغلام يتلمس حتى دخل على الملك فقال: ما فعل أصحابك فقال: كفانيهم اللهّ عز وجل ثم قال للملك: إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما أمرك به فإن أنت فعلت ما آمرك به قتلتني وإلا فإنك لا تستطيع قتلي قال: وما هو. قال: تجمع الناس في صعيد واحد ثم تصلبني على جذع وتأخذ سهمًا من كنانتي ثم قل: بسم الله رب الغلام فإنك إذا فعلت ذلك قتلتني ففعل ووضع السهم في كبد قوسه ثم رماه وقال: بسم اللّه رب الغلام فوقع السهم في صدغه فوضع الغلام يده على صدغه ومات فقال الناس: آمنا برب الغلام فقيل للملك: أرأيت ما كنت تحذر فقد والله نزل بك قد آمن الناس كلهم فأمر بأفواه السكك فخددت فيها الأخاديد واضرمت فيه النيران وقال: مَنْ رجع عن دينه فدعوه وإلا فأقحموه فيها قال: فكانوا يتعادون فيها ويتدافعون فجاءت امرأة بابن لها ترضعه فكأنها أبقيت منهم: جريج العابد: أخبرنا الحصين قال: أخبرنا ابن المذهب قال: أخبرنا أحمد بن جعفر قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد قال: حدثني أبي قال: أخبرنا وهب بن جرير قال: حدثني أبي قال: سمعت محمد بن سيرين يحدث عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة: عيسى بن مريم قال: وكان في بني إسرائيل رجل عابد يقال له جريج فابتنى صومعة فتعبدَ فيها قال: فذكر بنو إِسرائيل يومًا عبادة جريج فقالت بغي منهم: لئن شئتم لأفتننه فقالوا: قد شئنا ذاك َقال فأتته فتعرضت له فلم يلتفت إليها فأمكنت نفسها من راعٍ كان يؤوي غنمه إلى أصل صومعة جريج فحملت فولدت غلامًا قالوا: ممَنْ قالت: من جريج فأتوه فاستنزلوه وشتموه وضربوه وهدموا صومعته فقال: ما شأنكم. قالوا: إنك زنيت بهذه البغي فولدت غلامًا. قال: وأين هو هذا قالوا: هو هذا قال: فقام فصلى ودعا ثم انصرف إلى الغلام فطعنه بإصبعه فقال: يا غلام باللّه مَنْ هو أبوك. قال: أنا ابن الراعي فوثبوا إلى جريج. فجعلوا يقبلونه وقالوا له: نبني لك صومعتك من ذهب قال: لا حاجة لي في ذلك ابنوها من طين كما كانت. قال: وبينما امرأة في حجرها ابن لها ترضعه إذ مر بها راكب ذو شارة فقالت: اللهم اجعل ابني مثل هذا. قال: فترك ثديها فأقبل على الراكب وقال: اللهم لا تجعلني مثله. قال: ثم عاد إلى ثديها. قال أبو هريرة: فكأني أنظر إلى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يحكي صنع الصبي وضع أصبعه في فيه فجعل يمصها ثم مرت بأمة تضرب فقالت: اللهم لا تجعل ابني مثلها. قال: فترك ثديها وأقبل على الأمة وقال: اللهم اجعلني مثلها. قال: فذاك حين تراجعا الحديث فقالت: خلفي مر الراكب ذو الشارة فقلت اللهم اجعل ابني مثله فقلت: اللهم لا تجعلني مثله ومر بهذه الأمة فقلت: لا تجعل ابني مثلها. فقلت: اللهم اجعلني مثلها فقال: يا أماه إن الراكب ذا الشارة جبَّار من الجبابرة وإن هذه الأمة يقولون زنت ولم تزن أو سرقت ولم تسرق وهي تقول: حسبي الله. ومنهم: برصيصا : أنبأنا إسماعيل بن أحمد السمرقندي قال: أخبرنا عاصم بن علي قال: أخبرنا علي بن محمد بن بشران قال: أخبرنا أبو علي بن صفوان قال: أبو بكر بن عبيد حدَثنا عبد الرحمن بن يونس قال: حدَّثنا سفيان بن عيينة قال: سمع عمرو بن دينار عروة بن عامر سمع عبيد بن رفاعة يبلغ به النبي صلي الله علية وسلم قال: " كان راهب في بني إسرائيل فأخذ الشيطان جارية لخنقها وألقى في قلوب أهلها أن دواءها عند الراهب فأتى بها الراهب فأبى أن يقبلها فلم يزالوا حتى قبلها وكانت عنده فأتاه الشيطان فزين له حتى وقع عليها ثم أتاه فقال: الآن تفتضح ويأتيك أهلها فاقتلها فإن أتوك فقل ماتت فقتلها ودفنها فأتى الشيطان أهلها فوسوس إليهم فألقى في قلوبهم أني أحبلتها ثم قتلتها ودفنتها فأتاه أهلها فسألوه فقال: ماتت. فأخذوه فأتاه الشيطان فقال: أنا أخذتها وأنا الذي ألقيت في قلوب أهلها وأنا الذي أوقعتك في هذا فأطعني واسجد لي سجدتين فسجد له سجدتين فهو الذي قال الله تعالى: " قال مؤلف الكتاب: وقد روي هذا الحديث على صفة أخرى أخبرنا محمد بن ناصر قال: أخبرنا أحمد بن الحسين بن خيرون قال: أخبرنا أبو علي بن شاذان قال: أخبرنا أبو علي الطوماري قال: أخبرنا أبو الحسن بن البراء قال: حدثنا عبد المنعم بن إدريس عن أبيه قال: ذكر وهب بن منبه أن عابدًا كان في بني إسرائيل وكان من أعبد أهل زمانه وكان في زمانه ثلاثة أخوة وكانت لهم أخت وكانت بكرًا ليست لهم أخت غيرها فخرج البعث عليهم فلم يدروا عند مَنْ يخلفون أختهم ولا من يأمنون عليها ولا عند من يضعونها فأجمع رأيهم على أن يخلفوها عند عابد بني إسرائيل كان ثقة في أنفسهم فأتوه فسألوه أن يخلفوها عنده فأبى ذلك فلم يزالوا به حتى أطاعهم فقال: أنزلوها في بيت حذاء صومعتي فأنزلوها في ذلك البيت ثم انطلقوا وتركوها فمكثت في جوار ذلك العابد زمانأ ينزل إليها الطعام من صومعته فيضعه عند باب الصومعة ثم يغلق بابه ويصعد في صومعته ثم يأمرها فتخرج من بيتها فتأخذ ما وضع لها من الطعام قال: فتلطف له الشيطان فلم يزل يُرَغّبه في الخير ويعظم عليه خروج الجارية من بيتها نهارأ ويخوفه أن يراها أحد فيعلقها فلما يزل حتى مشى بطعامها حتى وضعه على باب بيتها ولا يكلمها. قال: فلبث بذلك زمانًا ثم جاءه إبليس فرغَّبه في الخير والأجر وحضَه عليه وقال: لو كنت تمشي إليها بطعامها حتى تضعه في بيتها كان أعظم لأجرك. قال: فلم يزل حتى مشى إليها بطعامها حتى يضعه في بيتها. قال: فثبت بذلك زمانَاَ ثم جاءه إبليس فرغبه في الخير وحضه عليه: وقال له: لو كنت تكلمها وتحدثها حتى تستأنس بحديثك فإنها قد استوحشت وحشة شديدة قال: فلم يزل به حتى حدثها زمانًا يطلع إليها من صومعته قال: ثم أتاه إبليس بعد ذلك فقال: لو كنت تنزل إليها فتقعد على باب صومعتك وتحدثها وتقعد هي على باب بيتها فتحدثك كان آنس بها فلم يزل به حتى أنزله فأجلسه على باب صومعته يحدثها وتخرج الجارية من بيتها حتى تقعد على باب بيتها قال: فلبثا زمانًا يتحادثان ثم جاءه إبليس فرغَبه في الخير فقال: لو خرجت من باب صومعتك فجلست قريبًا منها فحدثتها كان انس لها فلم يزل به حتى فعل فلبثا بذلك زمانًا ثم جاءه إبليس فقال: لو دنوت من باب بيتها ثم قال: لو دخلت البيت فحدثتها ولم تتركها تبرز وجهها لأحد كان أحسن فلم يزل به حتى دخل البيت فجعل يحدثها نهاره كله فإذا أمسى صعد في صومعته. قال: ثم أتاه إبليس بعد ذلك فلم يزل يزينها له حتى ضرب العابد على فخذها وقبلها فلم يزل إبليس يحسنها في عينه ويسول له حتى وقع عليها فأحبلها فولدت غلامًا فجاءه إبليس فقال له: أرأيت إن جاء إخوة هذه الجارية وقد ولدت منك كيف تصنع فاعمد إلى ولدها فاذبحه وادفنه فإنها ستكتم ذلك عليك مخافة اخوتها ففعل فقال: أتراها تكتم ما فعلت. خذها فاذبحها وادفنها مع ابنها فذبحها وألقاها في الحفرة مع ابنها فذبحها كما قلنا فمكث بذلك ما شاء الله حتى قفل أخوتها من الغزو فجاءوا فسألوه عن أختهم فنعاها لهم وترحَم عليها وبكى وقال: كانت. خير امرأة وهذا قبرها فأتى أخوتها القبر فبكوا أختهم وترحموا عليها وأقاموا على قبرها أيامًا ثم انصرفوا إلى أهاليهم فلما جنهم الليل وأخفوا مضاجعهم أتاهم الشيطان في النوم فبدأ بأكبرهم فسأله عن أختهم فأخبره بقول العابد وبموتها فكذبه الشيطان وقال: لم يصدقكم أمر أختكم انه قد أحبل أختكم وولدت منه غلامًا فذبحه وذبحها معه خوفًا منكم فألقاها في حفيرة خلف باب البيت فأتى الأوسط في منامه فقال له مثل ذلك ثم أتى أصغرهم فقال له مثل ذلك فلما استيقظ القوم استيقظوا متعجبين لِمَا رأى كل واحد منهم فأقبل بعضهم إلى بعض يقول لقد رأيت عجبًا فأخبر بعضهم بعضًا مما رأى فقال أكبرهم: هذا حلم ليس بشيء فامضوا بنا ودعوا هذا فقال صغيرهم: لا أمضي حتى آتي الموضع فأنظر فيه فانطلقوا فبحثوا الموضع فوجدوا أختهم وابنها مذبوحين فسألوا عنها العابد فصدَق قول إبليس فيما صنع بها. قال: فاستعدوا عليهم ملكهم فأنزل من صومعته وقدموه ليُصلب فلما أوثقوه على الخشبة أتاه الشيطان فقال: قد علمت إني صاحبك الذي فتنتك في المرأة حتى أحبلتها وذبحتها وابنها فإن أنت أطعتني اليوم وكفرت بالله الذي خلقك خلَصتك مما أنت فيه فكفر العابد بالله سبحانه فلما كفر خلَّى الشيطان بينه وبين أصحابه فصلبوه ففيه نزلت هذه الآية " كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني بريء منك إني أخاف الله " إلى قوله: " جزاء الظالمين ". ومن ذلك: قصة سبأ: قال علماء السير: لما ملكت بلقيس جعل قومها يقتتلون على واديهم فجعلت تنهاهم فلا يطيعونها فتركت ملكها وانطلقت إلى قصرها فنزلته فلما كثر الشر بينهم وندموا أتوها فأرادوها على أن ترجع إلى ملكها فأبت فقالوا: لترجعن أو لنقتلنك فقال: إنكم لا تطيعونني وليست لكم عقول فقالوا: ها إنا نطيعك فجاءت إلى راديهم وكانوا إذا أمطروا أتاه السيل من مسيرة ثلاثة أيام فأمرت به فسد ما بين الجبلين بمسناه وحبست الماء عمن وراء السد وجعلت له أبوابًا بعضها فوق بعض وبنت لمن دونه بركة وجعلت فيها اثني عشر مخرجًا على عدد أنهارهم فكان الماء يخرج بينهم بالسوية وكانت لهم جنتان عن يمين واديهم وعن شماله فأخصبت أرضهم وكثرت فواكههم وإن كانت المرأة لتمر بين الجنتين والمكتل على رأسها فترجع وقد امتلأ من التمر وما مسًت بيدها شيئًا منه ولم يكن يرى في بلدهم حية ولا عقرب ولا بعوضة ولا ذباب ولا برغوث وتمر العرب ببلدهم وفي ثيابهم القمل فتموت القمل لطيب هوائها وقيل لهم: كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلده طيبة أي هذه بلده طيبة ولم تكن سبخة ولا فيها مما يؤذي وكانت ثلاث عشرة قرية فبعث الله إليهم ثلاثة عشر نبيًا فكذبوا الرسل ولم يقروا بنعم الله فأرسل الله عليهم سيل العرم و العرم السكر والمساة بعث الله سبحانه جرذًا فنقبه من أسفله وأغرق به جناتهم وخربت به أرضهم فتبددوا في البلاد فصارت العرب تتمثل في الفرقة بسبأ. ومن ذلك: قصة صنعا: قال علماء السير: كان رجل بناحية اليمن ببستان وكان مؤمنًا وذلك بعد عيسى ابن مريم عليه السلام وكان يأخذ منه قدر قوته ويتصدق بالباقي فمات عن ثلاثة بنين فقالوا: والله إن المال لقليل وإن العيال لكثير وإنما كان أبونا فعل هذا إذ كان المال كثيرأ والعيال قليلأ فأما الآن فما نستطيع أن نفعل هذا فعزموا على حرمان المساكين وتحالفوا بينهم ليغدون قبل خروج الناس فليصر من نخلهم ولم يقولوا: إن شاء الله فبعث الله تَعالى بالليل نارًا فأحرقت فصارت سوداء فانطلقوا إلى جنتهم يتشاورون بينهم أن لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين فلما رأوها محترقة قال: قد ضللنا طريق جنتنا فليست هذه ثم علموا أن ذلك عقَوبة فقَالوا: بل نحن محرومون قد حرمنا تمر جنتنا فأخذوا يتلاومون على منع حقوق الفقراء. ومنهم: أهل الغار: أخبرنا عبد الأول بن عيسى قال: أخبرنا الداوودي قال: أخبرنا ابن أعين السرخسي قال: أخبرنا الفربري قال: حدثنا البخارىِ قال: أخبرنا سعيد بن مريم قال: أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة قال: أخبرنا نافع عن ابن عمر عن رسول الله صلى الله علية وسلم قال: بينما ثلاثة نفر يماشون أخذهم المطر فمالوا إلى غار فىِ الجبل فدخلوه فانحطت على فم الغار صخرة من الجبل فأطبقَت عليهم الغار فقال بعضهم لبعض: انظروا أعمالأ عملتموها صالحه فادعوا الله بها لعله يفرجها. فقال أحدهم: اللهم إنه كان لي والدان شيخان كبيران ولى صبية صغار كنت أرعى عليهم فإذا أرحت عليهم فحلبت بدأت بوالدي أسقيهما قبل ولدي وأنه نأى بي السحر فما أتيت حتى أمسيت فوجدتهما قد ناما فحلبت كما كنت أحلب فجئت بالحلاب فقمت عند رؤوسهما أكره أن أوقظهما من نومهما وأكره أن أبدأ بالصبية قبلهما والصبية يتضاغون عند قدمي فلم يزل ذلك دأبي ودأبهما حتى طلع الفجر فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج لنا فرجة نرى منها السماء ففرج الله تعالى لهم فُرجة حتى رأوا منها السماء. وقال الثاني: اللهم إنه كانت لي ابنة عم أحبها كأشدّ ما يحب الرجال النساء فطلبت إليها نفسها فأبت حتى آتيها ثمانين دينارًا فسعيت حتى جمعت مائة دينار فلقيتها بها فلما قعدت بين رجليها قالت: يا عبد الله اتق الله ولا تفتح الخاتم إلا بحقه فقمت عنها اللهم إن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا منها ففرج لهم فرجة. وقال الآخر: اللهم إني كنت استأجرت أجيرًا بفرق أرزٍ فلفا قضي عمله قال: أعطني حقي فعرضت عليه حقه فتركه ورغب عنه فلم أزال أزرعه حتى جمعت منه بقرًا وراعيها فجاءني وقال: اتق الله ولا تظلمني فأعطني حقي فقلت: اذهب إلى تلك البقر وراعيها فخذها فقال: اتق الله ولا تهزأ بي فقلت: إني لا أهزأ بك فخذ تلك البقر وراعيها فأخذها وانطلق بها قال: كنت تعلم إني فعلت ذلك إبتغاء وجهك فافرج عنا ما بقي ففرج الله عنهم. ومنهم: الكفل: أخبرنا ابن الحصين قال: أخبرنا ابن المذهب قال: أخبرنا أحمد بن جعفر قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد قال: حدثني أبي قال: أخبرنا أسباط مّال: أخبرنا الأعمش عن عبد الله بن عبد الله عن سعيد مولى طلحهَ عن ابن عمر قال: لقد سمعت عن رسول الله صلى الله علية وسلم حديثًا لم أسمعه لا مرة ولا مرتين حتى عد سبع مرات ولكن قد سمعته أكثر من ذلك قال: كان الكفل من بني إسرائيل لا يتورع من ذنب فأتته امرأة فأعطاها ستين دينارأ على أن يطأها فلما قعد منها مقعد الرجل من امرأته أرعدت وبكت فمال: ما يبكيك أكرهتك. قالت: لا ولكن هذا عمل لم أعمله قط وإنما حملني على ذلك الحاجة قال: فتفعلين هذا ولم تفعليه قط ثم نزل فقال: اذهبي والدنانير لك ثم قال: واللة لا يعصي اللة الكفل أبدًا فمات من ليلته فأصبح مكتوبًا على بابه قد غفر اللّه للكفل " حديث الأبرص و الأقرع والأعمى: أخبرنا عبد الأول بن عيسى قال: أخبرنا ابن طلحة الداوودي قال: أخبرنا ابن أعين السرخسي قال: أخبرنا الفربرىِ قال: أخبرنا البخاري قال: حدَثنا أحمد بن إسحاق قال: حدًثنا عمرو بن عاصم قال: حدًثنا همام قال: حدَّثنا إسحاق بن عبد الله قال: حدٌثني عَبد الرحمن بن أبي عمرو عن أبي هريرة أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن ثلاثة في بني إسرائيل أبرص وأقرع وأعمى أراد الله أن يبتليهم فبعث إليهم ملكًا فأتى الأبرص فقال: أي شيء أحبٌ إليك قال: لون حسن وجلد حسن قد قذرني الناس. قال: فمسحه فذهب فأعطي لونًا حسنأ و جلدأ حسنًا فقال: أي المال أحب إليك قال: الإبل أو البقر شك في ذلك إسحاق في أن الأبرص أو الأقرع قال أحدهما الإبل وقال الآخر البقر فأعطي ناقة عشراء فقال: يبارك اللّه فقد قذرني الناس قال: فمسحه وذهب وأعطي شعرًا حسنأ قال: فأي المال أحب إليك قال البقر فأعطاه بقرة حاملًا قال: يبارك لك فيها. وأتى الأعمى فقال: أي شيء أحب إليك قال: يرد الله عز وجل بصري فأبصر به الناس قال: فمسحه فرد الله إليه بصره قال: فأي المال أحب إليك قال: الغنم فأعطاه شاة والدأ. فينتج هذا وولد هذا وكان لهذا وادٍ من الإبل ولهذا وادٍ من البقر ولهذا وادٍ من الغنم ثم إنه أتى الأبرص في صورته وهيئته فقال: رجل مسكين تقطعت به الحبال في سفره فلا بلاغ إلا بإذن الله تعالى ثم بك أسألك بالذي أعطاك اللون الحسن والجلد الحسن بعيرًا أتبلغ عليه في سفري فقال له: إن الحقوق كثيرة فقال له: كأني أعرفك ألم تكن أبرص يقذرك الناس فقيرأ فأعطاك الله فقال لقد ورثت كابرًا عن كابر فقال: إن كنت كاذبأ فصيرك الله إلى ما كنت. وأتى الأقرع في صورته وهيئته فقال له مثل ذلك ورد عليه مثل ما رد عليه هذا فقال: إن كنت كاذبًا فصيرك الله إلى ما كنت. وأتى الأعمى في صورته فقال: رجل مسكين وابن سبيل تقطعت بي الحبال في سفري فلا بلاغ اليوم إِلا بالله وبك أسألك بالذي رد عليك بصرك شاة أتبلغ بها فقال: كنت أعمى فردّ الله علي بصري وفقيرًا فخذ ما شئت فو الله ما أجهدك اليوم بشيء أخذته هو لله. فقال: أمسك مالك فإنما ابتليتم وقد رضي عنك وسخط على صاحبيك ". ومن ذلك: حديث العقار. أخبرنا عبد الأول قال: أخبرنا الداوودي قال: أخبرنا ابن أعين قال: حدَثنا الفربري قال: حدثنا البخاري قال: حدَثنا إسحاق بن نصر قال: أخبرنا عبد الرزاق عن معمر عن همام بن أمية عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلي الله علية وسلم: " اشترى رجل من رجل عقارًا فوجد الرجل الذي اشترى العقار في عقاره جرة فيها ذهب فقال له الذي اشترى العقار: خذ ذهبك إنما اشتريت منك ولم ابتع ذهبًا. وقال له: الذي له الأرض: إنما بعتك الأرض وما فيها فتحاكما إلى رجل فقال: الذي تحاكما إليه: ألكما ولد قال أحدهما: لي غلام وقال الآخر: لي جاريِة. قال: أنكحوا الغلام الجارية وانفقوا على أنفسهما منَّة وتصدقًا. ومن ذلك: المستسلف المال: أخبرنا ابن الحصين قال: أخبرنا ابن المذهب قال: أخبرنا أحمد بن جعفر قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد قال: حدَثني أبي قال: أخبرنا يونس بن محمد قال: حدثنا ليث عن جعفر بن ربيعة عن عبد الرحمن بن هرمز عن أبي هريرة عن رسول الله صلي الله علية وسلم " أنه ذكر رجلًا من بني إسرائيل سأل بعض بني إسرائيل أن يُسلفه ألف دينار قال: ائتني بشهود أشهدهم. قال: كفى بالله شهيدًا. قال: ائتني بكفيل. قال: كفى بالله وكيلًا. قال: صدقت. فدفعها إليه إلى أجل فخرج في البحر فقضى حاجته ثم التمس مركبأ يقم عليه لأجل الذي أجله ولم يجد مركبأ فأخذ خشبة فنقرها وأدخل فيها ألف دينار وصحيفة منه إلى صاحبها ثم رجح موضعها ثم رمى بها في البحر فقال: اللهم إنك قد علمت أني استسلفت من فلان ألف دينار فسألني كفيلَاَ فقلت كفى باللّه وكيلًا فرضي بذلك وسألني شهيدًا فقلت كفى بالله شهيدًا فرض بك وإني قد جهدت أني أجد مركبًا أبعث إليه بالذي له فلم أجد مركبا وإني قد إستودعتها. فرمى بها في البحر حتى ولجت فيه ثم انصرف. وقال: وهو في ذلك يطلب مركبًا يخرج إلى بلده فخرج الرجل الذي كان أسلفه ينظر لعل مركبأ قد بماله فإذا الخشبة التي فيها المال فأخذها لأهله حطبأ فلما كسرها وجد المال والصحيفة ثم قدم الرجل الذي كان تسلف منه فأتاه بألف دينار وقال: والله ما زلى جاهدًا في طلب مركب لآتيك بمالك فما وجدت مركبًا قبل هذا الذي جئت فيه قال: بل كنت بعثت إليّ بشيء قال: ألم أخبرك بأني لم أجد مركبًا قبل هذا الذي جئت فيه فإن الله عز وجل قد أدى عنك الذي بعثت به في الخشبة فانصرف بمالك راشدًا ومن ذلك: حديث العجوزتين: أخبرنا محمد بن ناصر الحافظ قال: أخبرنا أحمد بن الحسن بن خيرون قال أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد بن شاذان قال: أخبرنا أبو علي عيسى بن مد الطوماري قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن البراء قال: أخبرنا عبد المنعم ابن أدريس عن أبيه قال: ذكر وهب بن منبه قال: قال أبو هريرة: قال النبي صلي الله علية وسلم " كل الأعاجيب كانت في بني إسرائيل حدثوا عنهم ولا حرج فلو حدثتكم حديث العجوزتين لعجبتم قالوا: حدَّثنا يا رسول الله. قال: كان في بني إسرائيل رجل له امرأة يحبها ومعه أم عجوز كبيرة امرأة صدق ومع امرأته أم لها عجوز كبيرة امرأة سوء وكانت تغري ابنتها بأمِ زوجها وكان زوجها يسمع منها وكان يحبها فقالت لزوجها: لا أرضى عنك أبداَ حتى تخرج عني أمك وكلتا العجوزتين قد ذهب بصرهما فلم تدعه حتى خرج بأمه فوضعها في فلاة من الأرض ليس معها طعام ولا شراب ليأكلها السباع ثم انصرف عنها فلما أمست غشيتها السباع فجاءها ملك من الملائكة فقال لها: ما هذه الأصوات التي أسمع حولك قالت: خير هذه أصوات بقر وإبل وغنم قال: خيرًا فليكن ثم انصرف عنها وتركها فلما أصبحت أصبح الوادي ممتلئًا إبلًا وبقرًا وغنمأ فقال ابنها: لو جئت أمي فنظرت ما فعلت فجاء فإذا الوادي ممتلىء إبلأ وغنمأ و بقرأ قال: أي أماه ما هذا. قالت: أي بُني هذا رزق الله وعطاؤه إذ عققَتني وأطعت امرأتك في فاحتمل أمه وساق معها ما أعطاها الله تعالى من الإبل والبقر والغنم فلما رجع بها إلى امرأته وبمالها قالت له امرأته والله لا أرضى عنك أو تذهب بأمي فتضعها حيث وضعت أمك فيصيبها مثل ما أصاب أمك فانطلق بالعجوز فوضعها الله إلى العجوز قبلها فقال: أيتها العجوز ما هذه الأصوات التيِ أسمع حولك قالت: شر والله وعُر هذه أصوات سباع تريد أن تأكلني قال: شر فليكن ثم انصرف عنها فأتاها سَبْع فأكلها فلما أصبح قالت له امرأته: اذهب فانظر ما فعلت أمي فذهب لينظر فلم يجد منها إلا فضل ما ترك السبع فرجع إلى امرأته فأخبرها فحزنت على أمها حزنأ شديدًا وحمل عظامها في كساء حتى وضعها بين يدي ابنتها فماتت كمدأ.
|